التعاون بين ألمانيا ومصر في مجال الطب الشرعي


تقدم ألمانيا الدعم لمصر لمساعدتها في الانتقال إلى الديمقراطية، ومن أوجه هذا الدعم إتاحة الفرصة للأطباء الشرعيين لحضور دورات متقدمة في ألمانيا. قد يبدو هذا الأمر لأول وهلة مفاجئا، غير أن النظرة المتفحصة تظهر بوضوح ارتباط هذا التوجه بعملية التحول الديمقراطي.
في بوم 9 اكتوبر وقعت في القاهرة أحداث ماسبيرو التي تعد الأكثر دموية منذ سقوط مبارك، وهي الأحداث التي راح ضحيتها 26 شخصا ، من بينهم أيضا عديد من الجنود. في البداية لم يرغب ذوو الضحايا في السماح بإجراء أي تشريح لجثث الضحايا، غير ان محاميهم استطاعوا إقناعهم بضرورة تحديد السبب الدقيق للوفاة. ومن بين الجموع التي تجمعت أمام المستشفى تكون على عجل ممر للأطباء الشرعيين ليقوموا بفحص الضحايا، حيث اتضح أن كثيرا منهم لم يجر استهدافهم بأعيرة نارية، بل لقوا مصرعهم دهسا بالمدرعات. ومن خلال ذلك أمكن رسم صورة واضحة للأحداث حالت في آخر الأمر دون مزيد من التصعيد. 

برنامج تعليمي للأطباء الشرعيين في برلين

وبالرغم من ثناء جميع الأطراف على مجهودات الأطباء الشرعيين، إلا أنه كان ينقصهم التجهيزات اللازمة لكي يتمكنوا من عملهم التخصصي على أكمل وجه. وحينما عرضت ألمانيا تقديم المساعدة في إطار الشراكة من أجل التحول الديمقراطي عبرت مصر عن رغبتها المباشرة في تلقي المساعدة من أجل تأسيس معمل طب شرعي والتدريب المتقدم للأطباء الشرعيين. وبالاشتراك مع معهد الطب الشرعي في مستشفى برلين (شريتيه) تم إعداد برنامج تدريبي أتاح الفرصة حتى الآن لسبعة من الأطباء الشرعيين وثلاثة من علماء السموم لحضور دورات دراسية مكثفة لمدة عشرة أيام.

أولى ثمار التعاون

بعد الزيارات الأولى التي جاءت من مصر وصل البروفسير ميشائيل تسوكوس ، مدير معهد الطب الشرعي في برلين، إلى نتيجة غاية في الإيجابية: "إننا في غاية السعادة، بل قل مندهشون من الروعة التي مر بها كل شيء حتى الآن. إن المشاركين من مصر يتمتعون باستعداد تخصصي ممتاز وأظهروا اهتماما فائقا ومشاركة فعالة." تم إعداد البرنامج إعدادا مكثفا: يبدأ اليوم في السابعة والنصف صباحا بمناقشة خطة عمل اليوم باللغة الانجليزية، حيث يجري التطرق تفصيلا إلى الحالات الراهنة وأجندة العمل اليومية.

بعدها يقوم المصريون بمشاركة زملائهم الألمان مشاركة فاعلة في عمليات التشريح وغيرها من الفحوصات، ليشاركوا في أثر         ذلك في حوارات متخصصة وحلقات نقاشية حول موضوعات مثل الاختلافات في الطب الشرعي والجنائي والتشخيص في مصر وألمانيا. وفي هذا الصدد قال بروفسير تسوكوس: "المثير للغاية هنا هو التلاقي ما بين الحضارتين والتبادل الحادث بينهما، ففيما يخص مصر علينا أن نضع في الاعتبار أنه لا يتاح كثير من الوقت لإجراء الفحص بعد الوفاة لأن الجثة يتحتم دفنها لأسباب دينية بأسرع وقت ممكن."

وعلى النقيض من التصور الشائع من أن الطبيب الشرعي لا يُعنى سوى بالأموات، فإن جزءا مهما من عمله يتمثل في إجراء الفحص على ضحايا العنف والمشتبه فيهم الذين لا يزالون على قيد الحياة، وهو المجال الذي يجري مناقشته في أثناء زيارة الأطباء المصريين، على سبيل المثال في حلقات النقاش الخاصة بالعنف المنزلي، الاعتداء الجنسي على الأطفال والعنف الجنسي، كما يجري مناقشته أيضا عن طريق إجراء الفحص على حالات محددة.

إقامة الدورات أيضاً في مصر

من المنتظر أن يسافر أيضاً الأطباء العاملون في مستشفى برلين إلى مصر ليقدموا هناك دورات ستعقد عبر عدة أيام. وبنهاية هذا العام سيكون متاحاً أمام 40 طبيباً مصرياً آخر الاستفادة من التجهيزات المتخصصة والفنية لمستشفى برلين وأن يعملوا في مصر وقد اكتسبوا مزيداً من المعرفة وكثيرا من الرؤى الجديدة. تدعم وزارة الخارجية الألمانية هذا المشروع بنحو مليون يورو، وهو مشروع يرتكز على احتياجات الشعب المصري ويدعم بهذا منهج التركيز على الممارسة الذي تنتهجه ألمانيا في دعمها لعملية التحول الديمقراطي في مصر.

مصدر النص: وزارة الخارجية الألمانية
الترجمة والتحرير: المركز الألماني للإعلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إن اشتراكك في المدونة يمكنك طرح الأسئلة والإجابة عليها وبالطبع يمكنك أيضا من إبداء رأيك بكل حرية والتواصل مع الأعضاء الآخرين . خذ دقيقة من وقتك واشترك في المدونة .

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 style=