"آفاق العراق": دعم فني ألماني لأكاديميين عراقيين



رغم الحروب والأزمات إلا أن الإمكانيات الاقتصادية الكامنة في العراق كبيرة للغاية. الوضع الأمني هو المشكلة الأكبر التي تحول دون عمل شركات أوروبية في العراق."آفاق العراق" برنامج يدعم الخبرة العملية لأكاديميين عراقيين.

تنظر الشابة صفا البالغة من العمر 25 عاما بتركيز شديد لشاشة الكمبيوتر إذ تقوم المهندسة العراقية بتصميم مبنى سكني لإحدى المدن الألمانية الصغيرة. تنحدر صفا من بغداد ودرست الهندسة المعمارية في العراق وهي تقوم حاليا بتدريب في أحد المكاتب المعمارية في تورينغن بألمانيا.

وترغب المهندسة الشابة في معرفة الكثير عن تفاصيل العمل في ألمانيا وتقول:"تدنى مستوى الجودة في العراق بسبب فترة الحرب وما بعدها الأمر الذي أثر بشدة على مستوى الهندسة المعمارية". وتقارن صفا بين ألمانيا والعراق فيما يتعلق بالتفاصيل الصغيرة في البناء وتقول إنه بالرغم من ارتفاع درجة الحرارة الشديد في العراق إلا أنه لا يوجد اهتمام يذكر بعزل الجدران على سبيل المثال في حين تلقى مثل هذه التفاصيل اهتماما كبيرا في ألمانيا.

شبكة اتصالات قوية

يهدف برنامج "آفاق العراق" إلى تدريب أكاديميين عراقيين لديهم خبرة في سوق العمل كما يساعد في الوقت نفسه الشركات الألمانية في بناء شبكة اتصالات في العراق، كما تقول ريما التيناوي من غرفة التجارة والصناعة الألمانية التي توضح أن تحقيق نجاح اقتصادي في العراق يعتمد بصورة كبيرة على شبكة الاتصالات الشخصية.

 يهدف برنامج "آفاق العراق" إلى تدريب أكاديميين عراقيين

تتولى غرفة التجارة والصناعة الألمانية بالتعاون مع الخارجية الألمانية ومعهد غوته، تنظيم مشروع "آفاق العراق" للمرة الخامسة خلال هذا العام. يتيح المشروع لأكاديميين عراقيين حضور دورة في اللغة الألمانية لمدة ثمانية أسابيع ثم القيام بتدريب في إحدى المؤسسات. بعض المتدربين السابقين يعملون حاليا في شركات ألمانية في العراق ويتولون مسألة الربط بين شركاتهم والشركات الأم في ألمانيا.

تحديات للمعماريين

تؤدي العراقية الشابة صفا تدريبها تحت قيادة المهندس المعماري الألماني ماتياس ليش الذي سبق وزار شمال العراق عدة مرات ويعمل منذ عام 2007 على تطوير برنامج تخطيطي هندسي هناك. وعن تجربة عمله في العراق يقول المهندس الألماني:"يحتاج المرء لقدر معين من الانفتاح للعمل في العراق فالكثير من الأمور هناك تختلف عما نعرفه في ألمانيا ". ويتطرق المعماري ليش لبعض الأمور التي عايشها في العراق ولم يعتد عليها في ألمانيا ومنها الانتشار الكثيف لنقاط التفتيش على الطرقات ورؤية رجال شرطة المرور يحملون السلاح علاوة على ضعف دور السلطات الإدارية في البلاد بسبب اعتماد المجتمع بشكل أكبر على الشكل القبائلي وكون الكلمة الأخيرة غالبا لقيادات القبائل.

من ناحية أخرى يرى ليش أن تنفيذ مشاريع معمارية في العراق يمثل بالنسبة له كمعماري تحديا كبيرا وفرصة لإظهار طاقته الهندسية ويوضح:"بسبب النمو المتزايد في المدن بشمال العراق يمكن أن يقوم المعماري بتصميم حي كامل يتسع لـ 300 ألف شخص بمحطات قطارات وطرق سريعة ومتنزهات في مدينة دهوك. ويرى ليش أن المشكلة الأساسية تتمثل في أن الكثير من الأكاديميين العراقيين هاجروا من البلاد منذ عقود مما تسبب في نقص حاد للعمالة المتخصصة.

مشكلة الأمن

 بعض الشركات الألمانية تتردد في العمل في العراق بسبب الأوضاع الأمنية

وتوضح ريما التيناوي أن الاستثمار في العراق مسألة مجدية مشيرة إلى معدلات النمو الاقتصادي السنوية في العراق والتي تقدر بنحو ثمانية بالمائة. في الوقت نفسه يحافظ العراق على مكانته في المركز الرابع على قائمة الدول المصدرة للنفط. ونظرا لما تتمتع به عبارة "صنع في ألمانيا" من سمعة طيبة في العراق ولرغبة الجانب الألماني في تعزيز التعاون بين شركات ألمانية وعراقية، قررت غرفة التجارة والصناعة الألمانية فتح مكتبين في العراق أحدهما في بغداد والآخر في أربيل.

وبالرغم من المغريات الاقتصادية للعمل في العراق، إلا أن الكثير من الشركات الألمانية تتردد في العمل هناك بسبب الأوضاع الأمنية. ففي الوقت الذي تصدر فيه تركيا للعراق سنويا بضائع بقيمة تصل إلى نحو تسعة مليارات يورو، قدرت قيمة الصادرات الألمانية للعراق في عام 2012 بنحو 3ر1 مليار يورو فقط. وتبرر ريم التيناوي الأمر بأن الشركات الألمانية تبحث عادة عن أسواق تصدير مستقرة على المدى البعيد. يتيح برنامج "آفاق العراق" للأكاديميين العراقيين متابعة الأحداث في بلادهم من ألمانيا. تتمنى المهندسة العراقية صفا العمل لاحقا لصالح شركات ألمانية في العراق وربما استكمال دراستها العليا في ألمانيا وهي كلها أمنيات مرهونة باستقرار الوضع الأمني في العراق.

DW

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إن اشتراكك في المدونة يمكنك طرح الأسئلة والإجابة عليها وبالطبع يمكنك أيضا من إبداء رأيك بكل حرية والتواصل مع الأعضاء الآخرين . خذ دقيقة من وقتك واشترك في المدونة .

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 style=